في زيارة للمرة الأولى..
جولة أمير قطر بأفريقيا .. مآرب اقتصادية وحاجة في نفس يعقوب
في أول جولة إفريقية رسمية له منذ توليه السلطة 2013 توجه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاثنين الماضي لينطلق منها إلى كل من كينيا وجنوب إفريقيا.
الزيارة التي تأتي بعد أيام من إعلان إثيوبيا انتهاءها من بناء 57 % من بناء سد النهضة، جعلت بعض وسائل الإعلام المصرية توجه سهامها لقطر وتتهمها بالمكايدة السياسية، ما يطرح تساؤلاً حول محرك الزيارة هل لأهداف سياسية أم مآرب اقتصادية؟
" سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، وبحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدد من المجالات" كلها عناوين جاءت الزيارة تحتها.
واعتبر وزير خارجية إثيوبيا ورقني جبيو الذي كان في استقبال أمير قطر برفقة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين في المطار أن الزيارة تاريخية ومحطة مهمة، مشيدًا بدور قطر المحوري في القضايا الدولية.
نقلة كبيرة
ونوه بأن الزيارة ستعزز العلاقة بين الجانبين، وتنقلها نقلة كبيرة، وتقوي العلاقات الإثيوبية العربية عمومًا.
الأراضي الواسعة الخصبة، والثروة الحيوانية الكبيرة، والمياه الوفيرة التي ستوفرها بعد السد بجانب موقعها الجغرافي، كلها عوامل مغرية للاستثمار في إثيوبيا، عوضًا أنها تتمتع بثقل سياسي في القارة الإفريقية وخاصة لأنها تعد مقر الاتحاد الإفريقي.
تحالف جديد
واعتبر الدكتور عبد الفتاح الفاتحي الباحث في الشؤون الإفريقية الجولة الإفريقية الأولى للأمير القطري تؤكد توجه جديد لسياسة قطر الخارجية، إذ من المرتقب أن تعيد الدوحة رسم مبادئ جديدة لعلاقاتها الدولية، التي عمادها تعاون اقتصادي يفضي إلى تحالف دبلوماسي إفريقي قطر.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن هذا الافتراض يعزز، أن قطر بصدد البحث عن بديل بعد فشل علاقاتها الدولية السياسية إقليميا ودوليا.
وواصل:" كانت قطر قد تحولت إلى مشكلة خليجية، فنشب خلاف كبير بينها ودول اتحاد الخليج بشأن أجندة سياستها الخارجية، والذي وصل إلى حد سحب دول خليجية لسفرائها من الدوحة، وكذا نبذ ذراعها الإعلامي".
دروس من الماضي
ومن جهة أخرى، يرى الفاتحي أنّ قطر قد استوعبت حجمها السياسي الحقيقي، وفي عهد الشيخ تميم بن حمد بدأت تستوعب أهمية العمل الجماعي، وتدبير رهانات الدولة بتقدير دقيق لإمكانياتها الحقيقة وقدرتها على مراعاة التوازنات فيما بين الدول.
وأردف: "تبعًا لذلك ستكون أجندة الأمير القطري الجديد ليست سياسية كحال والده، بل اقتصادية في دول تتمتع بتأثير سياسي كبير في القارة الإفريقية، فضلًا عن إمكانيات هائلة في عالم المال والأعمال".
وفي النهاية يلفت الباحث في الشأن الإفريقي أن زيارة الأمير القطري تأتي في سياق تستقبل فيه إفريقيا الكثير من زعماء دول العالم الذي يراهنون على إفريقيا لتحقيق عائدات اقتصادية بالأساس نظرًا لارتفاع نسبة النمو في مختلف الدول الإفريقية.
بدورها، اعتبرت مفوضة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الإفريقي؛ أميرة الفاضل، زيارة أمير قطر لمقر الاتحاد الإفريقي تاريخية ومهمة وستعزز العلاقات الإفريقية العربية. وأشادت " الفاضل " في تصريحاتها للأناضول، بجهود أمير قطر ومساهماته في حل النزاعات في مناطق عديدة بإفريقيا، وقالت أنه يمثل أحد الشركاء الرئيسين لإفريقيا ودولة قطر عضو مراقب بالاتحاد الإفريقي.
وأضافت أن أمير قطر بذل جهود فاعلة في منطقة شرق أفريقيا خاصة في القضايا الإنسانية، مشيرة إلى جهوده في السودان والصومال.
وقالت إن دولة قطر تعتبر دولة رائدة في المجال الاجتماعي والإنساني ولدينا رؤية في الاتحاد الإفريقي في كيفية الاستفادة من خبرات وتجارب قطر في هذه المجالات.
زكريا عبدالرحمن الخبير في الشؤون العربية رأى أن الإعلام المصري لديه هاجس من أي تحرك تقدم عليه قطر.
وأكمل حديثه لـ"مصر العربية" بأن جنوب إفريقيا هي الدولة الأفضل في القارة السمراء وعضوة في " البركست" ولها ثقل اقتصادي، وكينيا دولية سياحية بالنسبة للخليجيين.
مآرب أخرى
ورأى أن الوزن السياسي لإثيوبيا ووجود مقر الاتحاد الإفريقي بها، يجعلها مهمة لأي دولة تسعى لتوسيع نفوذها خاصة بعد ضآلة الدور المصري وتراجعه في إفريقيا.
الشكوك حول مكايدة سياسية من قطر لمصر موجودة في رأي الخبير بالشؤون العربية ولكنها ليست المحرك للزيارة، ولكن بحسب اعتقاده حاول الأمير تميم ضرب عدة عصافير بحجر واحد، كإبرام اتفاقيات اقتصادية وتوسيع الاستثمارات والبحث عن دور والنأي بنفسه عن القضية السورية بعد تخاذله عن فعل شيء مؤخرًا، بحد قوله.
ونوه بأن الكثير من الدول باتت تبحث عن مناطق جديدة للاستثمار، وفي الوقت نفسه لم يستبعد عبدالرحمن أن تكون هذه الدول الإفريقية بذلت جهودا دبلوماسية لدعوة قطر إليها، فحجم الإنفاق القطري كبير وهي تريد في النهاية أن تجلب هذه الأموال لها.
توسيع النفوذ
محمد حامد الباحث في العلاقات الدولية رأى أن جنوب إفريقيا قاعدة كبيرة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين واستثمارات ضخمة له، ووجود قطر في هذه الدولة مهم لتوسع نفوذها السياسي.
بحسب ما يؤمن حامد في كلامه لـ"مصر العربية" فإن توجه قطر لإثيوبيا مكايدة سياسية لمصر، بجانب سعيها لدور ملموس أكبر في إفريقيا فقد سبق لها الوساطة بين جيبوتي وإريتريا، ولعبت دورًا في تقريب وجهات النظر بين حركة العدالة والمساواة وبين النظام السوداني وهي بجانب تواجدها في السودان لها حضور في ليبيا.
دبلوماسية الوساطة
وتابع: "قطر دولة دوما باحثة عن الدور والنفوذ وتريد أن تكون متفردة في دبلوماسية الوساطة".
ويظن الباحث في العلاقات الدولية أن قطر تريد أن تسبق مصر لإفريقيا بعدما بدأت القاهرة استرداد جزء من دورها القديم، لذلك تزور كينيا بعد شهر من تواجد الرئيس عبدالفتاح السيسي هناك، وعلى الجانب الآخر التمهيد لبناء علاقات اقتصادية فيما بعد، فجنوب إفريقيا عضو في البركست ودول الخليج خاصة الإمارات والسعودية تستثمر في زراعة أراضٍ في السودان وإثيوبيا وتستوردها كمحاصيل فيما بعد.
على الجانب الآخر، أكدت الصحف القطرية على أهمية التواجد القطري في إفريقيا، ووصفت المباحثات التي يجريها أمير دولة قطر في أثيوبيا بالناجحة، بحسب صحيفة الراية، والتي أكدت أن الزيارة جاءت تأكيداً للرغبة المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتحويلها من علاقات تعاون ثنائي إلى شراكة إستراتيجية في مختلف المجالات.
وأضافت الصحيفة أن تصريحات الشيخ تميم بن حمد خلال جلسة المباحثات عن تميّز العلاقات القطرية الإثيوبية، جاءت معبّرة عن الرغبة المشتركة من قبل قيادتي البلدين في تطوير وتعزيز هذه العلاقات بتأكيده، أن قطر تتطلع أن تسهم هذه الزيارة في تطوير علاقات التعاون بين البلدين والارتقاء بها إلى آفاق أرحب بما يخدم المصالح المشتركة، خاصة أن البلدين تربطهما علاقات صداقة مميزة، مشيرة إلى أن تأكيد دولة رئيس الوزراء الإثيوبي حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع قطر وتطويرها في مختلف المجالات جاء منسجماً مع هذا التوجه الذي يهدف لخدمة العلاقات بين البلدين.
ونوهت الصحيفة إلى أن زيارة سمو الأمير إلى إثيوبيا والنتائج التي ستتمخض عنها تشكّل نقلة نوعية في العلاقات القطرية الإثيوبية لأنها جاءت تجسيداً للإرادة المشتركة، كما أنها جاءت في إطار إستراتيجية قطر للانفتاح على إفريقيا بتعزيز العلاقات الثنائية وخلق شراكات إستراتيجية في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية خاصة أن إثيوبيا دولة محورية في قارة إفريقيا لثقلها السياسي إقليمياً ودولياً..
وأن تعزيز العلاقات معها هو تعزيز للتعاون في مجالات السلم الإقليمي والدولي بالنظر إلى أن قطر لعبت ولا تزل تلعب دوراً مهماً في ترسيخ الأمن والاستقرار في القارة من خلال قيادتها لوساطات ناجحة أطفأت العديد من نيران التوتر.